انتهى كلامه حفظه الله. وأما ما يجده بعض الناس من الوسوسة في رمضان فيقال فيه: "إن الوسواس أنواع: فمنها وساوس مرضية ومنها وساوس نفسية، ومنها وساوس شيطانية. فالمرضية تعتبر وساوس قهرية لا طاقة للإنسان بدفعها تماماً حتى يشفى منها. وأما الوساوس النفسية فهي ما يحدث الإنسان به نفسه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأيضاً فالنفوس لها وسوسة، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} وأما الوساوس الشيطانية فهي التي تكون من الشيطان سواء من كان خارج الجسد أو داخله وهي موضع الإشكال عند البعض إذ كيف يوسوس الشيطان للإنسان في رمضان وقد صفدت الشياطين. فيقال: إن التصفيد لا يمنع منه وسوسة الشيطان فإن الشياطين قد توسوس وهي مصفدة، فقد سئل الشيخ أبو الحسن القابسي عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشياطين تصفد في رمضان». فأجاب بأن قال: "قد يوسوس وهو مصفد". الله: "والمصفد من الشياطين قد يؤذي ولا شك أن الوسوسة من الأذى بل إن كان قد يؤذي فإبمكانه الوسوسة من باب أولى. وأما صرع الجني للإنسي في رمضان، فإن هذا النوع من الصرع هو عندي نوعان: صرع عن قوة وصرع عن ضعف: فالنوع الأول: وهو أن يصرع الجني الإنسي إما بنفسه وذلك إذا غلبه بفعل المحرمات وترك الطاعات وعدم المجاهدة وسرعة الغضب فإنه حينئذ يتقوى عليه ويصرعه.
***** ----------------- (1) البخاري (3277)، ومسلم (1079) واللفظ للبخاري. (2)سنن النسائي (2105) ، المسند (13408). (3) الترمذي (682)، وابن ماجه (1642)، واللفظ للترمذي. (4) مجموع الفتاوى لابن تيمية (25/246). (5) إغاثة اللهفان لابن القيم (1/125ـ 128). (6) الوابل الصيب (ص: 29).
رواه الترمذي، وهو صحيح بمجموع طرقه. فإلى إخواني المسلمين الذين جعلوا رمضان تسلية للوقت، وإضاعته على المقاهي وفي أماكن اللهو المحرم، وضيعوا تلك الأوقات في الغيبة والنميمة، فهلا شغلوا تلك الأوقات بذكر الله وقراءة القرآن في الأعمال الناقصة التي تعود عليهم بالخير في دنياهم وأخراهم. • وأما فضول مخالطة الناس؛ فهو كون الإنسان لا يبالي بمن جالس وصاحب، فيجالس المؤمنين والمنافقين، والمطيعين والعاصين، والطيبين الخبيثين، بل ربما جالس الكفار وغيرهم وخالطهم، وفضول المخالطة هي الداء العضال الجالب لكل شر، فكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة، وكم زرعت من عداوة، وكم غرست في القلب من حرارة، فعلى المسلم أن يخالط العلماء والصالحين فيستفيد من مجالسهم، ففي مجالستهم ومخالطتهم صلاح القلب وحياته، وليحذر من أهل البدع والفساق الذين يبعدونه عن طريق الله - عز وجل - فهم أعوان الشياطين. • وأما فضول النظر؛ فهو أن يطلق الإنسان نظره فيما حرم عليه، فالعين رائد القلب، فيبعث رائده لينظر، فإن أخبره بحسن المنظور إليه تحرك اشتياقًا إليه وطلبًا له، ومن أطلق نظراته دامت حسراته. فعلى المسلمين أن يغضوا أبصارهم في رمضان وغيره، كما أمرهم الله، وإلى أخواتي المسلمات الكاسيات العاريات، اتقين الله، عز وجل، ولا تخرجن متبرجات، فتكن دعاة للضلالة والفتنة، وكن على حذر أخا الإسلام من أن تضيع الأوقات في النظر إلى الشاشات وإلى المحرمات، ففي غض البصر حلاوة الإيمان ولذته ونور القلب وقوته وشجاعته.
mibs-expo.ru, 2024