لا يمكن استعراض تاريخ الأغنية السعودية بماضيها وحاضرها من دون الوقوف على سيرة الفنان الكبير طلال مداح بنبله وتسامحه وإنسانيته تحت عنوان "طلال مداح فنه وموسيقاه" تم الإعلان عن ندوة كبري في إطار تكريم الفنان الراحل طلال مداح بمهرجان الموسيقى العربية بدورته السادسة والعشرين التي ستنطق في دار الأوبرا المصرية بالقاهرة يوم الأربعاء الموافق 1 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث يشارك فيها المايسترو أمير عبدالمجيد والدكتور سعد محمد حسن والمايسترو خالد فؤاد والإعلامي اللبناني جمال فياضن كما يقام حفل يتخلله غناء أعمال الراحل الكبير بأصوات فناني دار الأوبرا. والحقيقة أنه لا يمكن استعراض تاريخ الأغنية السعودية بماضيها وحاضرها، من دون الوقوف على سيرة الفنان الكبير، طلال مداح، أو حتى الإشارة إلى شيء من نبل وتسامح وروح وبساطة طلال وإنسانيته، فدوره المهم في مراحل التأسيس والتطور لا يمكن أن ينسي، وأي منصف يدرك أن الأغنية برحيله قبل 17 عاما قد فقدت شيئا من بهجتها وبريقها، فمنذ سقوطه على مسرح (المفتاحة) في أبها عام (2000)، والذاكرة لا تزال ندية تستلهم أعماله الغنائية ومواقفه الشخصية وكلماته في حب أبها التي قال فيها (لا تلوموني في هواها.. قلبي ما يعشق سواها) وتستحضر المشهد الأخير له وكأنه حدث بالأمس.
ومن بعد مزح ولعب كما نطقت حنجرته، كان ما منحه الحصول على أجمل وأعذب الألحان، موهبته في التعامل مع الآلات الموسيقية، ليترنَّم بروائعه التي لن تُنسَى، وطُرِحَ له بعد رحيله ما يقرب من 12 ألبومًا غنائيًّا، وحصل طلال على الكثير من الأوسمة والجوائز التكريمية التي كان آخرها في مهرجان الأغنية العربية في القاهرة عام 1998، وفي حقبة الستينيات حصل على المركز الأول في أول استفتاء إذاعي غنائي في السعودية. لم تقتصر موهبته على الغناء فحسب، بل قدَّم نفسه كممثل درامي متميز عندما شارك في مسلسل "شارع الضباب"، من بطولة المطربة اللبنانية الراحلة صباح في عام 1967، بالإضافة إلى مسلسل "الأصيل"، من إنتاج التلفزيون السعودي آنذاك. مسرح المفتاحة في أبها يشهد رحيله في ليلة الحادي عشر من أغسطس عام 2000، ترجَّل الفارس على مسرح المفتاحة في أبها، وذلك عند لحظة صعوده خشبة المسرح التي لن تنسى أثره الراقي، وبعد تحية كبيرة من الجماهير التي استمرّت لما يقرب من الخمس دقائق، بينما هو يُلوِّح بيده، وكأنها تحية الوداع، ليكون النبع الأخير "الله يرد خطاك"، وتوارى الهرم ومؤسس الأغنية السعودية، ليكون المشهد الفني الحزين ويتوارى الصدى وصوت الأرض مودعًا جماهيره العريضة والوسط الفني.
رام الله - دنيا الوطن في مثل هذا اليوم، وقبل 13 عاماً رحل الفنان السعودي طلال مداح، إثر تعرضه لأزمة قلبية على المسرح في حفلة "المفتاحة" في أبها. ووصف عبد الله طلال مداح الابن الأكبر لـ "صوت الأرض" والده الراحل، في حديث له عبر قناة "العربية" قائلاً: "والدي لم يكن يبحث عن المادة فذاك الزمن يختلف عن الآن كما نلاحظ أن الشركات تبحث عن الأموال، بينما كان هو يبحث عن المشاركة ورسم الفرحة على وجوه الحاضرين". وأضاف: "كان أباً رائعاً أكثر من كونه فناناً، وورثنا منه الكثير فأصبح بيننا نحن الأبناء الكاتب وصاحب الصوت الجميل". وحمل طلال مداح ألقابا عدة، كالحنجرة الذهبية وقيثارة الشرق وصوت الأرض، وصنفته الساحة الفنية برائد الحداثة في الأغنية السعودية، كما تغنى بكلمات أمير الشعراء أحمد شوقي، وغنى للموسيقار محمد عبد الوهاب الذي أطلق عليه لقب زرياب. ولد الفنان طلال مداح في مكة تاريخ 5 أغسطس 1940، وعرف عن والده إيجاده للعزف على آلتي المدروف والسمسمية، وعليه فقد ساعدت تلك العوامل مجتمعه في إدخاله مجال الفن وجعله يعشق هذا اللون ويهواه بل ومرددا له في أغلب أوقاته. طلال وأهل الشعر وكان طلال محبوباً جداً لدى الكثيرين في الوسط الفني والشعري، حيث قال عنه الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن: "وأصبح اسم طلال مداح في كل قلب وعلى كل شفاه.. وتجاوز الفن الغنائي السعودي بفضل صوته حدود الوطن ليصل للعالم العربي كله، وتميزه وتفرّده ليس فقط في صوته اللين الدافئ القوي، إنما في شخصيته البسيطة الطيبة، وأفكاره وفلسفته الخاصة للأشياء وعنها".
mibs-expo.ru, 2024